الأحد، 6 يوليو 2008

ملفات قديمة على طاولة وزير الثقافة القطري الجديد



الدوحة - شبّوب أبوطالب يكشف تعيين الدكتور حمد بن عبدالعزيز الكواري وزيراً للثقافة عن توجه جديد تريد القيادة القطرية إعطاءه للميدان الثقافي، ومع الارتياح الذي قوبل به التعيين، فإن ملفات كثيرة لا تزال تنتظر حسما، وتحديات عديدة يجب الفصل فيها.يعتبر تعيين وزير للثقافة القطرية رفعا معتبرا للشأن الثقافي الذي استبدل مجلسا للثقافة والتراث بوزارة كاملة بما يعنيه ذلك من تنظيم جديد واعتمادات مالية أكبر، ناهيك عن إعادة هيكلة التمثيل الثقافي القطري ليتوافق مع المعمول به إقليميا ودوليا.وفي المستوى الأول، لا تتوفر معلومات مؤكدة حول مخططات الوزير الجديد للثقافة، لكن توقعا متداولا بين مثقفي قطر يقول إن منصب الأمانة العامة للمجلس الوطني للثقافة سوف يتحول إلى مجموعة مقسمة بين عدة مسؤولين بدرجة «وكيل وزارة»، على أن يعهد لكل منهم بملف معين، فيما يحافظ المسؤولون التنفيذيون على جزء مهم من مناصبهم، بعد إعطائها تخريجة قانونية جديدة.وبعيدا عن الهيكل الجديد للثقافة في قطر، فإن مراجعة شاملة لعهدة «مجلس الثقافة» ستكشف الكثير عما أنجز وعما ينتظر الوزير الجديد، فمن المؤكد أن العهدة السابقة قد حفلت بأنشطة ثقافية متعددة، كما شهدت إصرارا دائما على تواجد قطر خارج حدودها الطبيعية والإقليمية، ناهيك عن متابعة حثيثة للمشهد الثقافي أطّرتها الأمانة العامة للمجلس، ومجموعة جيدة من الأنشطة لعل أهمها «الصالون الثقافي».وفي المقابل فإن هناك أكثر من ملف ينتظر حسما سريعا، ومن بين هذه الملفات ملف «عاصمة الثقافة العربية»، فالدوحة ستكون بعد سنة وبضعة أشهر عاصمة للثقافة العربية لموسم كامل، وليس سرا أن الوقت ينفد سريعا من قطر، ولم نر إلى الآن عملا يحرّك هذا الملف بقوة، لأن تشكيل اللجان وإعداد البرامج يستهلك زمنا ليس بالهين، هذا إن أرادت قطر أن يكون عرسها العربي في مستوى عرسها الآسيوي «الآسياد» الذي نظمته سنة 2006، وفي هذا الإطار فإن الترتيب للحدث يغدو عملا أكثر من المستعجل.وضمن هذا السياق أيضا، فإن وزارة الثقافة مطالبة بالفصل سريعا في القضية المؤرقة التي تشغل بال مثقفي قطر، أي «جمعية الأدباء والكتاب القطريين»، إذ طالب جميع من تكلمت معهم «العرب» بالانتهاء من هذا الملف سريعا.وفي هذا الإطار قالت الكاتبة فاطمة الكواري إن «الوزير الجديد يبشر بكل الخير، ونحن ننتظر منه وبصفة عاجلة للغاية أن يقدم لنا جمعية تلم شتاتنا وتقدّم لنا على الأقل (خدمة التعارف) فليس معقولا أن لا نعرف -ككتاب- بعضنا البعض إلا من خلال مقالات الجرائد أو المناسبات الاجتماعية التي تخضع للصدفة، وبالتالي فإننا نطالب بجمعية تجمعنا، وتتيح لنا الالتقاء وتبادل الآراء والنقاش المستمر من أجل تقديم ما في وسعنا تقديمه لصالح ثقافة بلدنا».أما الكاتبة بشرى ناصر فتقول إنها لا تنتظر من الوزير شيئا «قبل المساعدة في قضية جمعية الكتاب، فهي أولوية بالنسبة لنا، ومنها تتفرع بقية الأولويات، وهي الرقم واحد وبعدها تأتي بقية الأرقام، ونحن نتمنى على الوزير ونطالبه بما عرف عنه من حس ثقافي أن يمضي في هذا الملف إلى آخره، ويبذل جهده معنا في تشكيل هذه الهيئة المنتظرة».ولعل المشجع في قضية جمعية اتحاد الكتاب أن الوزير الجديد كاتب قبل أن يكون وزيرا، فهو بكتابه «المعرفة الناقصة: العرب والغرب في عالم متغير» يعد شريكا للكتاب في مهنتهم، كما أنه خبر العمل الجمعوي أيام السعي لتأسيس جمعية للصحافيين القطريين، ومنه فإن منصبه الجديد سيكون رافدا قويا للفكرة، لأنه سيتيح عرضها والنقاش حولها في مجلس الوزراء، ويوفر «سفيرا دائما» للكتاب لدى أعلى هيئات صنع القرار في الدولة.التحدي الثاني الذي ينتظر الوزير هو قضية التراث، ومن المفيد أن نذكر أن دولة قطر تعد من بين الدول النادرة في العالم التي تتخلف تشريعاتها عن مستوى «قانون التراث»، فإذا كانت قطر تملك منذ عقود قانونا للآثار، وقد جرى تحديثه، فإن قانونا للآثار هو مستوى آخر من الحماية ما زالت قطر تفتقده، فقانون الآثار عبارة عن هيكل تشريعي يفصل أساليب التعامل مع الآثار، ولكن قانون التراث يوسع الهيكل التشريعي ويوسّع نطاق الحماية بشكل أكثر فاعلية تماشيا مع التوجه العالمي الجديد المنبثق عن اتفاقية صون التراث غير المادي التي أقرتها اليونسكو عام 2003 والتي تعطي أولوية كبرى للتراث غير المادي وتفصّل طريقة التعامل معه، وقد عزز ذلك بمشروع اتفاقية حماية تنوع المضامين الثقافية وأشكال التعبير الفني الصادرة عام 2005، والذي يجب تسجيله أن قطر قد حفظت عشرات الآلاف من الأشرطة السمعية البصرية تخلّد تراثها الموسيقي والقصصي والشعري أيام «مركز الخليج للتراث» لكن هذه المحفوظات لم يستفد منها بالشكل الملائم، وما زالت في مقر الإذاعة، ومن المطلوب بقوة أن يتم التحرك على هذا الملف بما يكفل الاستفادة من التراث القطري ويتيح فرصة حفظه، لأن المجموعات الموسيقية التراثية لا تعد أسلوب حماية كافيا، بل لابد من قانون تراث حقيقي يترافق مع استحداث هيئات رسمية مكلفة بحفظه بدل التشتت الذي يعرفه حاليا، ومن المفيد أن نذكر أن «مؤسسة قطر» تعمل منذ فترة على مشروع «مركز التراث» بما يعني أن شيئا من التنسيق بين الوزارة و «مؤسسة قطر» يساوي الحصول على هيئة تراثية جاهزة وفاعلة، أما التراث المادي فإن حالته لا تسر أحدا، والقلاع التراثية القديمة تعاني في صمت وتنتظر خطة واضحة للتعامل معها وحفظها, وإدخالها ضمن المنهج الدراسي القطري عبر الوسائل التربوية العديدة التي تتيحها البيداغوجيا الحديثة.أما «مهرجان الدوحة» فإنه ينتظر البناء على ما تحقق في السنوات السابقة والانطلاق نحو مشاريع لتطويره بشكل يراعي بضعة معطيات أساسية، أولها تحويله لمشروع منتج، وذلك عبر الاستفادة من تجربة «مهرجان الدوحة الغنائي»، وهذا سيدِرُّ عائدا جيدا يمكن استغلاله بشكل إيجابي لصالح الثقافة القطرية، أما المعطى الثاني فهو العمل على تسويق المهرجان إعلاميا بشكل أفضل، ويليه التفكير في توسيع أعداد الجماهير الحاضرة للمهرجان عبر إقرار فعاليات خاصة بثقافات معينة، فالجالية الهندية - مثلا - تملك حضورا كبيرا في الدوحة ولا ريب أن حفلا موسيقيا سيكون جالبا لعدد محترم من أبنائها وبالمثل مع بقية الجاليات الغربية والعربية.وفي المحصلة، فإن تحويل المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث إلى وزارة ثقافة يعني الانتقال من مرحلة المبادرة الفردية إلى مرحلة إعداد الخطط الشاملة، والأهداف المنتقاة بعناية والمحاسبة القبلية والبعدية، والبناء على ما تحقق في عهدة المجلس والعمل على استكمالها، ففي قطر ميادين ثقافية خصبة ولكن الذي ينقصها هو «الخطة» ولا شيء غيرها....


العرب القطرية ـ 2008-07-03

ليست هناك تعليقات: