الأحد، 6 يوليو 2008

عبد المجيد شيخي: قطر رعت مفاوضات استقلال الجزائر


الدوحة ـ شبّوب أبوطالب

أنهت اللجنة الجزائرية ـ القطرية المشتركة اجتماعها الدوري نهاية الأسبوع المنصرم، وقد اتفق الطرفان على العديد من برامج التعاون، لعل أبرزها ثقافيا قيام مركز الأرشيف الوطني الجزائري بتقديم دورات تدريبية عالية المستوى لتأهيل خبراء الأرشيف القطريين، وكذا تنسيق المواقف بين الدولتين في المحافل الدولية لخبراء الأرشيف، والاستفادة من نفوذ الجزائر باعتبارها تشغل رئاسة الفرع العربي الإقليمي للمجلس الدولي للأرشيف، وهذا بغرض توسيع دائرة التعاون بين الدول العربية جميعها لتحقيق هدف مركزي يتمثل باسترجاع كافة الوثائق العربية التي استولى عليها المستعمرون خلال فترة احتلالهم لبلداننا.وقد أبدى عبد المجيد شيخي، مدير الأرشيف الوطني الجزائري والمسؤول برئاسة الجمهورية سرورا بالغا بنتائج زيارته لقطر، قائلا إن هناك آفاقا كبيرة للتعاون بين البلدين عطفا على الإمكانات المادية والبشرية التي يمتلكها كلاهما، وكذا على العلاقة القديمة التي ربطت بين شعبيهما، والتي قال إن كثيرا من فصولها غير معروفة ولا مكتوبة، وقد خصّ «العرب» بالكشف لأول مرة عن بعض مراحلها، والتي تتمثل في المجهود الذي بذلته قطر خلال مرحلة كفاح الجزائر من أجل استقلالها، وبالضبط أيام مفاوضات الاستقلال التي امتدت في الفترة بين 7 و 18 مارس 1962 واحتضنتها مدينة إيفيان السويسرية، وفي هذا الإطار فقد كشف شيخي أن المفاوضين الجزائريين آنذاك كانوا غير مطمئنين لا أمنيا ولا نفسيا لنظرائهم الفرنسيين، كما كانوا يواجهون مشاكل معقدة تتعلق بضمان سرية محاضر اجتماعاتهم ووثائقهم الداخلية، ناهيك عن الحرب الاستخباراتية الشرسة التي شنتها عليهم فرنسا ومختلف الدول المهتمة بمستقبل الجزائر، وهو الوضع الذي كان من شأنه عرقلة أنشطتهم وتكبيلهم بقوة، وهنا ـ يقول شيخي ـ جاء الإنقاذ و المدد من قطر، حيث تدخل أميرها في ذلك الحين، الشيخ أحمد بن علي بن عبد الله آل ثاني، وتبرع بقصره في مدينة فينا كمقر لإقامة الوفد الجزائري، متكفلا بضمان أمن الوفد وتسهيل تنقله، كما وضع تحت تصرف الوفد اعتمادا ماليا مفتوحا شمل تغطية جميع مصاريفه بمختلف أنواعها، وتعهد بضمان سرية اجتماعات الوفد المفاوض وتسهيل تواصله مع بقية أعضاء الحكومة الجزائرية المؤقتة، وذلك بتوفير خط هاتفي آمن كان بعيدا للغاية عن مرمى الاستخبارات الدولية، وهي النقطة التي حمت خطط التفاوض الجزائرية من الانكشاف للمحتل الفرنسي، حدث هذا فيما كان جواسيس الاستخبارات الجزائرية بقيادة المرحوم عبد الحفيظ بوصوف قد تمكنوا من اختراق مجلس الوزراء الفرنسي والحصول على كافة وثائق خطط المفاوضين الفرنسيين، ما جعلهم مرتبكين للغاية، إذ كان الوفد الجزائري يحضر ومعه كافة الإجابات عن الأسئلة والإشكاليات التي ينوي الفرنسيون طرحها، ما سرّع عملية التفاوض وجعلها تتم في وقت قياسي (11 يوما)، وتنتهي إلى استقلال الجزائر بعد جهد مشترك جزائري قطري تمكّن من حماية المفاوض العربي المسلم وتفكيك قوة المفاوض المحتل، وهي نتيجة لم تكن لتتحقق لولا الدعم القطري الكبير للجزائر والذي قال بشأنه عبد المجيد شيخي إنه «دعم ثمين ومقدر ولا يمكن تجاهله ولا نسيانه»، واعترف بأمانة القطريين قائلا: «رغم كونهم أقرب الناس لنا في تلك الفترة وقدرتهم على الحصول على أية معلومات منا، فإنهم لم يبدوا أية رغبة بالتدخل ولا الاستفسار، واحتفظوا لأنفسهم بالواجب الأمني واللوجستي الذي قررته القيادة القطرية حينها، ما يمثل شعورا عالية بالأمانة».وقد أعلن ذات المصدر خلال لقائه السريع بـ «العرب» عن مفاجأة تحضّرها هيئته لسمو الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، حيث سيتم إهداؤه نسخا حصرية من وثائق تلك المرحلة، وتشمل صور الوفد الجزائري المفاوض في قصر الشيخ أحمد بن علي بن عبد الله آل ثاني، وكذا بعض مقاطع الفيديو التي سجلت في تلك الفترة بقصره، والتي تمثل جزءا نادرا من التاريخ المشترك بين البلدين، وقد قال شيخي إنه سيسهر شخصيا على تجهيز هدية سمو الأمير وإرسالها وفق الطرق الدبلوماسية لسموه كعربون محبة من الشعب الجزائري، داعيا نظراءه القطريين لتوثيق هذه المرحلة المضيئة ومتعهدا بتقديم كافة أنواع المساعدة لهم.

العرب القطرية ـ 2008-07-06

ليست هناك تعليقات: